يقول تعالى " إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا " أي أي مثل كان " بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا " لاشتمال الأمثال على الحكمة, وإيضاح الحق, والله لا يستحي من الحق.
وكأن في هذا, جوابا لمن أنكر ضرب الأمثال في الأشياء الحقيرة.
واعترض على الله في ذلك.
فليس في ذلك اعتراض.
بل هو من تعليم الله لعباده ورحمته بهم.
فيجب أن تتلقى بالقبول والشكر.
ولهذا قال: " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ " فيفهمونها.
فسبحان من فاوت بين عباده; وانفرد بالهداية والإضلال.
ثم ذكر حكمته وعدله في إضلاله من يضل فقال: " وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ " أي: الخارجين عن طاعة الله; المعاندين لرسل الله; الذين صار الفسق وصفهم; فلا يبغون به بدلا.
فاقتضت حكمته تعالى; إضلالهم; لعدم صلاحيتهم للهدى.
كما اقتضى فضله وحكمته; هداية من اتصف بالإيمان; وتحلى بالأعمال الصالحة.
والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين; وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان; كالمذكور في هذه الآية ونحوها.
ونوع غير مخرج من الإيمان كما في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " الآية.